العلاقة بين الذكاء الاجتماعي ومفهوم الذات

الذكاء الاجتماعي هو مفهوم يرتبط بشكل وثيق بمفهوم الذات، حيث يعبّر عن قدرة الفرد على فهم مشاعر وأفكار الآخرين، وبناء علاقات اجتماعية ناجحة، والتكيف بفعالية مع بيئته. يعد الذكاء الاجتماعي مهارة أساسية في التعامل مع الظروف الاجتماعية والنفسية المحيطة، بطرق تتسم بالحكمة.

الذكاء الاجتماعي

  • يشير الذكاء الاجتماعي إلى القدرة الفريدة لدى البشر للتنقل بكفاءة في العلاقات الاجتماعية المعقدة ومختلف البيئات.
  • يتبنى نيكولاس همفري، الطبيب النفسي وأستاذ في كلية لندن للاقتصاد، فكرة أن “الحكمة الاجتماعية” تمثل جوهر الإنسانية، متجاوزة بذلك مجرد الذكاء الكمي.
  • على سبيل المثال، عندما يعيش الفرد في تجربة شعورية غنية، محاطاً بالروائح والأذواق والمشاعر، فإن وجوده يعد تجسيداً فريداً للخصائص الإنسانية التي تتجاوز المادي.
  • يرى الباحث الاجتماعي هانيويل روس أن الذكاء الاجتماعي هو مزيج من علم النفس والوعي الاجتماعي، والمعتقدات والأخلاقيات الاجتماعية، إضافة إلى المهارات اللازمة للتكيف مع التغيرات الاجتماعية المعقدة.
  • لا يعني تمتّع الأفراد بمعدل ذكاء اجتماعي أعلى بالضرورة تميّزهم أو تفوقهم على الآخرين؛ بل يبرز ذلك في اختلاف مواقفهم ورغباتهم.

التعريف الأصلي للذكاء الاجتماعي

  • استنادًا إلى التعريف الذي قدمه إدوارد سانديك، يُعرف الذكاء الاجتماعي بأنه القدرة على فهم والتفاعل مع الآخرين بفعالية، واتخاذ القرارات الحكيمة في العلاقات الشخصية.
  • يعتبر الذكاء الاجتماعي، أو الذكاء التفاعلي، نوعًا من الذكاء الذي قام هوارد جاردنر بتحديده في نظرية الذكاءات المتعددة، وهو مرتبط ارتباطًا وثيقًا بنظرية العقل.
  • يقتصر تعريف بعض الكتّاب على المعرفة بالمواقف الاجتماعية، وقد يكون من الأنسب تسميته الإدراك الاجتماعي أو الذكاء التسويقي الاجتماعي.
  • تتعلق هذه الفكرة باستراتيجيات التسويق والتوجيه النفسي والاجتماعي.
  • يعرّف شون فولينو الذكاء الاجتماعي بأنه قدرة الفرد على فهم بيئته بشكل دقيق واتخاذ الإجراءات اللازمة لتحقيق النجاح الاجتماعي.
  • من دون الحكمة الاجتماعية، قد يشعر الأفراد بالإرهاق ويفقدون ثقتهم بأنفسهم وبالآخرين.
  • يتطلب الذكاء الاجتماعي العمل، والصبر، والمرونة، ويظهر في قدرة الأفراد على التعامل مع المواقف الصعبة والتكيف معها، بالإضافة إلى القدرة على تخطيط وتحقيق الأهداف الشخصية.
  • قد تتعدد دلالات الذكاء الاجتماعي، مما يفسر لماذا يمكن وصف شخص بأنه دبلوماسي، تاجراً أو محاوراً حكيماً، حيث يسعى لتجنب الصراعات أو المشاكل.
  • الأمن والذكاء الاجتماعي لا يعنيان الخداع أو النفاق، بل يتطلبان أخلاقيات عالية ومستوى عالٍ من الحسن.
  • إذا استُخدم الذكاء الاجتماعي بالشكل الصحيح، قد يقودنا إلى علاقات ناجحة وغير حساسة.
  • ومع ذلك، ينبغي أن نكون حذرين من الفخاخ التي قد تؤدي إلى الخداع، إذ هناك خط رفيع بين الذكاء الاجتماعي والكذب؛ وهو الأمر الذي يتطلب انتباهاً خاصاً.
  • ويتمثل الذكاء الاجتماعي في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث يُذكر بأن الكذب محرم في ثلاثة مجالات: الحروب، وخطبة النساء، وإصلاح النفس.

معدل الذكاء الاجتماعي

  • يمثل معدل الذكاء الاجتماعي (SQ) مقياساً مستخلصاً يشبه أداة القياس القياسية المُستخدمة في اختبارات الذكاء، حيث يحدد متوسط كل شيء حول 100، لكن لا يُعتبر نموذجاً جامداً.
  • يتجه هذا المفهوم أكثر نحو نظرية بياجيه التي تفترض أن الذكاء ليس سمة ثابتة، بل هو هيكل هرمي معقد لمهارات معالجة المعلومات، مما يعكس التوازن المتكيف بين الفرد وبيئته.
  • بهذه الطريقة، يستطيع الأفراد تعديل مواقفهم وسلوكياتهم بما يتلاءم مع تعقيدات البيئة الاجتماعية.

فرضية الذكاء الاجتماعي

  • تشير البحوث إلى أن فرضية الذكاء الاجتماعي تتعلق بالتنشئة الاجتماعية المعقدة التي تشمل السياسة والخيال والعلاقات الأسرية والصراعات والتعاون والتواصل والإيثار.
  • بالمختصر، يشكل الذكاء الاجتماعي القوة التي توسع من قدرات عقلنا البشري، وتمكننا من الاستفادة من هذه الأفكار في التعامل مع مواقف اجتماعية معقدة.
  • تتطلب الحاجة إلى التعايش مع الآخرين بالضرورة وجود ذكاء اجتماعي متطور.
  • ووفقاً لأقوال ستيفن ماسون، أستاذ التاريخ القديم في جامعة ريدنغ، تعتبر فرضية الذكاء الاجتماعي مستندة إلى فترتين أساسيتين في تطور الدماغ.
  • تمتد المرحلة الأولى إلى نحو مليوني سنة عندما أظهر الدماغ زيادة حوالي 50%، حيث ارتفع حجمه من نحو 450 سم مكعب إلى 1000 سم مكعب قبل حوالي 1.8 مليون سنة.
  • تأمل علماء الآثار في هذا التغير ولاحظوا لماذا زادت أدمغة بعض القردة.
  • ارتفعت أحجام أدمغتهم لأسباب عدة، لكن من المعروف أن تعزيز نمو خلايا المخ هو عملية معقدة وصعبة التحقيق.
  • يعتقد ميثين أنه بسبب العيش في مجموعات معقدة وكبيرة حجمها وسلوكها، تطورت فرضية الذكاء الاجتماعي وأدت إلى زيادة حجم الدماغ.
  • احتاجت هذه الديناميكيات إلى عقل أكبر للتفاعل مع الأفراد في سياقات اجتماعية متعددة.
  • ومن جهة أخرى، يحاكي الذكاء الاجتماعي ما حدث من زيادة في حجم الدماغ على مدى مليوني عام.
  • وشهدت الزيادة الثانية في حجم المخ وقوعها بين 600000 و200000 سنة مضت، وتوصلت تلك الفترة إلى قدرات التفكير الحديثة.
  • تظل محاولة تفسير هذه الزيادة الثانية أمراً معقداً، حيث يعتقد البروفيسور ميثين أنها ترتبط بشكل وثيق بتطور اللغة، التي تعتبر من أكثر المهام المعرفية تعقيداً.
  • ترتبط اللغة ارتباطاً وثيقاً بالذكاء الاجتماعي، حيث غالبًا ما نستخدم اللغة للتواصل في علاقاتنا الاجتماعية.
  • بالتالي، يعد الذكاء الاجتماعي عنصراً أساسياً في زيادة حجم الدماغ وله دور في العلاقة بين التنمية الاجتماعية والتعقيد المعرفي. في الوقت الراهن، يعتبر الذكاء الاجتماعي ضرورياً لإدارة التعقيد الناشئ عن التعاطي مع المجتمع.

مظاهر تكوين الذكاء الاجتماعي

تتضمن الشروط اللازمة للأفراد لتحقيق الذكاء الاجتماعي ما يلي:

  • المسؤولية الاجتماعية: يتسم بها الأفراد ذوو الحس العميق تجاه مشاعر الآخرين، وكذلك احترام حقوقهم وآرائهم.
  • المهارات الاجتماعية: تشمل تميز الأفراد في التواصل وتحقيق الأهداف.
  • الكفاءة الاجتماعية: تشير إلى تفاعل الأفراد مع الأنشطة الاجتماعية وقدرتهم على التكيف مع المجتمع.
  • يرى علماء النفس أن الكفاءة الاجتماعية تمثل مرادفاً للذكاء الاجتماعي، إذ تعني قدرة الفرد على الاسترخاء والتواصل الاجتماعي الفعّال.
  • القدرة على تحقيق الأهداف الاجتماعية بطريقة تحقق نتائج إيجابية متقدمة.
  • فهم التأثيرات النفسية: يتمتع الأفراد بخصائص ذاتية إيجابية، مما يمكنهم من قراءة مشاعر الآخرين بدقة.
  • تستند القدرة على فهم الحالة العقلية للمتحدث إلى جودة التوتر الاجتماعي، مما يجعل الأفراد الناجحين أكثر ذكاءً اجتماعياً.

مظاهر تكوين القلق النفسي لدى أفراد المجتمع

تظهر عدة عوامل نعمل على إظهار القلق النفسي، ولتبسيط الأمور. سنستعرض أدناه التحديات التي قد تؤثر على العرب تخصيصا:

  • القابلية الجينية: تأثير القلق عند الوالدين يمكن أن ينتقل إلى الأبناء.
  • الاستعداد النفسي: يتجلى في الشعور بالتهديدات التي يسببها المخاوف والأزمات النفسية.
  • الظروف المعيشية: تشمل الضغوط الاجتماعية والبيئية والعوامل الحضارية.
  • أساليب التفاعل الأُسرية: مثل أساليب التربية القاسية التي تعزز القلق النفسي.
  • العوامل الفسيولوجية: والتي ترتبط بعدم نضج الجهاز العصبي في الأطفال وكبر السن لدى البالغين.
  • قلق المراهقة: يتجلى في عدم الأمان والخجل، ومجمل الأعراض ستختفي مع تقدم العمر.
  • العوامل البيئية: تشمل تأثير التوتر والكوارث الطبيعية والصناعية والحروب.

التحليل السيكولوجي للذكاء الاجتماعي وعلاقته بالقلق النفسي

  • أظهرت الدراسات أن الذكاء الاجتماعي يمثل عاملاً محورياً عند تناول الموضوع من منظور نفسي واجتماعي.
  • يسهم الذكاء الاجتماعي في تحويل المشاعر السلبية إلى إيجابية، مثل الحب والتسامح.
  • بالرغم من المشكلات الاجتماعية والنفسية التي تواجه المجتمع، إلا أن الذكاء الاجتماعي قد يكون حلاً فعّالاً لمواجهة هذه التحديات.
  • يساعد الأفراد ذوو الذكاء الاجتماعي على فهم مشاعر الآخرين والمسائل الاجتماعية المحيطة بهم.
  • السعي لنشر قيم التعاون والتسامح والاحترام يسهم بدوره في تحسين الحالة النفسية والاجتماعية.
  • يعتمد الذكاء الاجتماعي بالنهاية على التفاعلات الشخصية، وليس على مستوى التعليم بمفرده.
  • قد يعاني البعض من قلق نفسي مما قد يتسبب في تدهور علاقاتهم مع الآخرين.
  • إن وجود بيئة أسرية صحية يرتبط بشكل مباشر بذكاء الفرد الاجتماعي.
  • تشير الدراسات إلى أن البيئة الثقافية والمعنوية تلعب دوراً محورياً في تعزيز الذكاء الاجتماعي.
  • التعلم والتعليم يجب أن يتماشى مع التطورات الاجتماعية لضمان فعالية التجارب التعليمية.
  • تحتاج المؤسسات التعليمية إلى تحديث المناهج وتطويرها لمواكبة الأبحاث الحديثة وتعلم القيم الإيجابية.
  • يتطلب المجتمع المزيد من الفهم والوعي لمواجهة القضايا الاجتماعية والنفسية.
Scroll to Top