المسجد الأقصى يتمتع بأهمية دينية كبيرة في جميع الديانات السماوية، لا سيما لدى المسلمين الذين يعتبرونه القبلة الأولى لهم ومكان الإسراء والمعراج للرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، فضلاً عن كونه ثالث الحرمين الشريفين. سنستعرض في هذا المقال العديد من الجوانب المتعلقة بالمسجد الأقصى وأهميته الدينية، باعتباره أحد أبرز المعالم الدينية والتاريخية في الإسلام.
أحد أقدم المساجد في العالم
يعد المسجد الأقصى ثاني أقدم مسجد بُني على وجه الأرض، حيث تم إنشاؤه بعد المسجد الحرام بأربعين عامًا، ما يعكس مكانته الدينية عبر العصور. وقد ذكر عدد من العلماء أن بناءه تم بواسطة الملائكة أو من قبل سيدنا آدم عليه السلام.
- عُرف عن سيدنا أبو ذر الغفاري أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم: “أي مسجد وُضع في الأرض أولًا؟” فقال: “المسجد الحرام”. ثم سأل: “ثم أي؟” فأجاب: “المسجد الأقصى”. وسأله: “كم بينهما؟” فأجاب: “أربعون سنة، وأينما أدركتك الصلاة، فصَلِّ فهو مسجدٌ”.
- يقع المسجد الأقصى في مدينة القدس ويُعرف أيضًا بــ “بيت المقدس”، وهو اسم يُشير إلى “البيت المنزَّه” أو “المطهَّر”.
- عند إنشائه لأول مرة كان بُني بشكل بسيط وتم تجديده عدة مرات على مر العصور.
- يجسد المسجد الأقصى أقصى زاوية جنوب شرق مدينة القدس، ويحتوي على مجموعة كبيرة من المعالم المعمارية التي تتجاوز 200 معلم، منها الجامع القبلي وقبة الصخرة وفضاءات مفتوحة ومدارس ومت galleries.
- يُقال إن سيدنا إبراهيم عليه السلام هو أول من قام بتعمير المسجد الأقصى.
- توالت عمليات التجديد من قبل سيدنا يعقوب وإسحاق عليهما السلام، ثم جدد المسجد بيد نبي الله سليمان عليه السلام.
- من جهة أخرى، سيدنا عمر بن الخطاب هو الذي أسس الجامع القبلي، والذي أصبح نواة المسجد الأقصى.
أولى القبلتين وثالث الحرمين ومسرى الرسول صلى الله عليه وسلم
المسجد الأقصى يعتبر أولى القبلتين وثاني مسجد في الأرض بعد المسجد الحرام. وقد سُمِّي بهذا الاسم نظرًا لوجوده بعيدًا عن المسجد الحرام ومكة المكرمة، حيث تدل كلمة “الأقصى” على البعد.
- كانت قبلة الصلاة للمسلمين تتجه إلى المسجد الأقصى قبل أن يُنزل الله سبحانه وتعالى الأمر بتحويل القبلة إلى الكعبة المشرفة في السنة الثانية للهجرة.
- كما أُسري بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام في مكة إلى المسجد الأقصى، ثم عُرج به إلى السماوات السبع، حيث يقول الله تعالى: “سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ”.
- صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد الأقصى إمامًا لجميع الأنبياء والرسل جماعة في الإسراء والمعراج.
المسجد الأقصى وجهة للزيارة وزيادة أجر الصلاة فيه
ذُكر أن الرحال تُشدّ إلى المسجد الأقصى، حيث يسعى المسلمون لزيارته لما يحمله من رمز ديني عظيم وأهمية جوهرية عند المسلمين.
- روى أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إلى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ: مَسْجِدِي هذا، وَمَسْجِدِ الحَرَامِ، وَمَسْجِدِ الأقْصَى”.
- وورد أيضًا عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في مسجده أهي أفضل أم في بيت المقدس؟ فقال: “الصلاةُ في مسجدي مِثْلُ أربعِ صلواتٍ في مسجِدِ بيتِ المَقدِسِ”، أي أن أربع صلوات في المسجد الأقصى تعادل صلاة واحدة في المسجد النبوي.
- وإذا قصد المسلم المسجد الأقصى للصلاة فيه فقط، فإن خطاياه تمحى وكأنما وُلِد من جديد.
- وقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن سيدنا سليمان، عندما أتم بناء المسجد الأقصى، سأل الله أن لا يأتيه أحد إلا للصلاة فيه، وكافأه بأن يُغفر له.
- كما أشار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أن من يصلي في المسجد الأقصى يحصل على أجر مضاعف.
أرض تأمل فيها البركة
وصف الله المسجد الأقصى بقوله: “الَّذي بارَكنا حَولَهُ”، ويدل ذكر المسجد في القرآن على أهميته، ولعل من أسباب ذلك:
- أن البركة حلت في المسجد الأقصى نتيجة لطاعة المسلمين وعبادتهم فيه.
- يُعتبر المسجد الأقصى مهبط الوحي والملائكة.
- ذكره الرسول الكريم في حديثه، حيث قال: “لما كذبتني قريش، قمت في الحجر فجلّى الله لي بيت المقدس، فطفقت أُخبرهم عن آياته وأنا أنظر إليه”.
- المسجد الأقصى هو المكان الذي سيُجمع فيه الخلق يوم القيامة، كما أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
- المسيح الدجال لن يدخل المسجد الأقصى، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: “إن الدجال يبلغ سلطانه كل مَنْهل، لكنه لن يأتي أربعة مساجد: الكعبة، ومسجد الرسول، والمسجد الأقصى، والطور.”
- عددًا من الأنبياء العظام عاصروا هذه المنطقة، مثل سيدنا إبراهيم وزكريا والسيدة مريم العذراء وعيسى وسليمان وداوود، مما يبرز أهمية هذا المكان وقدسيته.
المسجد الأقصى وقف للمسلمين
- تظل الطائفة المسلمة في المسجد الأقصى صامدة، تعمل جاهدة للحفاظ على مقدسات الأقصى ومعالمه، وتذود عنه.
- البعض من هذه الطائفة يقيم في بيت المقدس، بينما الآخرون يعيشون في المناطق المحيطة بالمسجد في بلاد الشام.
- ما حدث من إسراء ومعراج للنبي محمد صلى الله عليه وسلم وصلاة العلماء في المسجد الأقصى أضفى عليه قيمة ومكانة كبيرة في قلوب المسلمين.
أبرز المعالم المعمارية للمسجد الأقصى
يتضمن المسجد الأقصى العديد من المصليات والمساجد، بالإضافة إلى المآذن والقباب، مما يبرز قيمته الدينية.
الجامع القبلي
يقع الجامع القبلي في الجهة الجنوبية من المسجد الأقصى وقد بُني في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حيث كان المصلون يؤدون فيه صلاة الجمعة غبر نظام مكبرات الصوت. شهد الجامع عملية تجديد خلال عهد الخليفتين عبد الملك ومعاوية.
مسجد قبة الصخرة
بُني هذا المسجد بواسطة عبد الملك بن مروان واستغرق بناءه ست سنوات؛ هو مبنى ثماني الأضلاع ويقع في وسطه الصخرة الشريفة التي عُرج منها النبي محمد صلى الله عليه وسلم إلى السماء. يتميز بمسجده ذي القبة الذهبية التي يبلغ قطرها 20 مترًا.
المصلى المرواني
بُني في العهد الأموي، ويقع على الجهة الجنوبية الشرقية للمسجد الأقصى، ويحتوي على 16 رواقًا، مما يجعله واحدًا من أكبر المساجد المسقوفة في المسجد الأقصى.
مسجد البراق
يعود هذا المسجد إلى العهد الأموي ويقع في الجهة الجنوبية الغربية للمسجد الأقصى، وسُمِّي بهذا الاسم نسبةً إلى المكان الذي ربط فيه النبي محمد صلى الله عليه وسلم دابته البراق أثناء رحلة الإسراء والمعراج.
مصلى الأقصى القديم
بُني المصلى القديم في العهد الأموي ويحتوي على رواقين، ويقع تحت الجامع القبلي.
جامع النساء
يقع هذا الجامع بمحاذاة الجدار الجنوبي للمسجد الأقصى. حالياً، تم تقسيمه إلى ثلاثة أقسام: قسم مُلحَق بالمتحف، وقسم مكتبة رئيسية للأقصى، وقسم مستودع.
مسجد المغاربة
بُني في عهد الناصر صلاح الدين الأيوبي، وتحول حاليًا إلى متحف.
عدد مآذن المسجد الأقصى
يمتلك المسجد الأقصى أربع مآذن تم بناؤها جميعها في عهد المماليك، وهي:
مئذنة باب السلسلة، مئذنة باب المغاربة، مئذنة باب الأسباط، ومئذنة باب الغوانمة.
قباب المسجد الأقصى
يمتاز المسجد الأقصى بوجود العديد من القباب المنتشرة في ساحته وفوق المساجد، وهي تعتبر من المعالم الإسلامية الأساسية.
- قبة المعراج.
- قبة الصخرة.
- قبة السلسلة.
- قبة الجامع القبلي.
- قبة موسى عليه السلام.
- قبة النبي محمد عليه الصلاة والسلام.
- القبة النحوية.
- قبة عشاق النبي عليه الصلاة والسلام.
- قبة الأرواح.
- قبة يوسف آغا.
- قبة الخضر عليه السلام.
- قبة يوسف.
- قبة سليمان.
- قبة مهد عيسى عليه السلام.
- قبة الشيخ الخليلي.
مسؤولية المسلمين تجاه المسجد الأقصى
- ضرورة توعية الناس بمكانة وفضل بيت المقدس في الإسلام، لتحفيزهم على الدفاع والحفاظ على مقدساتهم.
- تكثيف الجهود لحماية المسجد الأقصى وتحريره من أي تهديد.
- السعي والاجتهاد في دعم القدس والمسجد الأقصى ونصرة المراويب بكل الوسائل المتاحة.
من المهم توجيه الدعاء لله عز وجل لحفظ المسجد الأقصى ورجوعه إلى أيدي المسلمين.