ما هي السنة الهجرية التي شهدت أول معركة بحرية إسلامية؟ وفي أي فترة من زمن خلافة المسلمين حدثت هذه المعركة؟ إن تاريخنا الإسلامي الغني يتطلب من كل مسلم أن يكون على دراية بجميع أحداثه. في هذا المقال، سنتناول تفاصيل أحداث هذه المعركة، فتابعونا.
أول معركة بحرية في الإسلام
- من خلال استعراض تاريخ المعارك الإسلامية، نجد أن معركة ذات الصواري تُعتبر أول معركة بحرية خاضها المسلمون ضد الروم، ويُعتقد أنها وقعت بالقرب من مدينة الإسكندرية.
- حدثت هذه المعركة في سنة 35 هجرية، خلال حكم الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه.
- أُوكلت قيادة المعركة لعبد الله بن أبي السرح الذي قاد أسطولاً من مئتي سفينة، في حين كانت قوات الروم مدعومة بثمانمائة سفينة تحت قيادة قسطنطين بن هرقل.
- جاءت تسمية المعركة “ذات الصواري” من العدد الكبير للصواري، حيث كان هناك ما يقرب من ألف سفينة، مما يعتبر رقماً كبيراً في ذلك العصر.
أسباب اشتعال معركة ذات الصواري
يعود السبب الرئيس وراء معركة ذات الصواري إلى رد فعل الرومان تجاه الفتوحات الإسلامية في إفريقيا.
فبعد أن سيطر المسلمون على مدينة سبيطلة الرومانية بقيادة عبد الله بن سعد، والتي تقع في جنوب شرق تونس وتعتبر قلعة قوية للرومان، قرر الرومان تجميع قواهم بقيادة قسطنطين بن هرقل للتوجه غرباً لمواجهة المسلمين.
عندما علم الخليفة عثمان بن عفان – رضي الله عنه – بذلك، أمر معاوية بتجهيز قوتين: واحدة بحرية وأخرى برية، لمواجهة الرومان وتأمين أكبر دعم ممكن.
انطلقت القوة البرية من دمشق بقيادة معاوية، بينما أُطلق أسطول بحري من طرابلس تحت قيادة بسر بن أبي أرطأة، وأخرى بقيادة عبد الله بن سعد انطلقت من مصر، حيث تلاقوا عند ساحل عكا قبل التوجه شمالاً.
وقائع المعركة البحرية الأولى للمسلمين
عند التصادم بين قوتي المسلمين والروم، قدّم المسلمون خيار القتال بين البر والبحر. اعتقد الرومان أن المسلمين يفتقرون إلى الخبرة في القتال البحري، لذا اختاروا القتال في البحر، معتمدين على اعتقادهم بأنهم سيكونون في موقع القوة.
إلا أن المسلمين أظهروا براعة استراتيجية في القتال، حيث قاموا بتأمين أرض المعركة على أسطح السفن من خلال ربط السفن معاً.
لقد أبدى المسلمون شجاعة متميزة في القتال، وكانت جهودهم مثمرة، فحققوا النصر بفضل الله تعالى.
نتائج أول معركة بحرية إسلامية
أتت مخرجات معركة ذات الصواري بفضل الله، بالكثير من العوائد التي لم تكن متوقعة. ومن أبرز تلك النتائج:
- غيّرت هذه المعركة الطريقة التي كان الرومان يرون بها المسلمين، حيث أظهر المسلمون أنهم ليسوا خصماً ضعيفاً.
- تقدمت صفوف المسلمين وأصبحوا أكثر ثقة بعد هزيمة الرومان رغم العدد القليل.
- اتضحت للرومان حقيقة أن المسلمين ليسوا بالخصوم الهينين.
- تمكن المسلمون من القضاء على الأسطورة المحيطة بالرومان وأوقفوا سيطرتهم على البحر المتوسط.
- تغيرت تسمية البحر من بحر الروم إلى بحيرات إسلامية.
- حصل المسلمون على فرصة لفتح جزر مثل صقلية وسردينيا وكريت وغيرها.
- أسفرت المعركة عن دفع المسلمين نحو اكتساب المعرفة في العلوم البحرية ووسائلها.
- تعلموا كيفية بناء السفن الحربية وتمكنوا من تنظيم أسطول بحري جيد.
- أثبتت المعركة مدى قوة الإيمان والاعتماد على الله في قلوب المسلمين.
- تجلى التوكل على الله مع اتخاذ أسباب النصر، وهو ما برهن عليه المسلمون في القتال.
- على الرغم من تاريخهم في القتال البحري، استطاعوا هزيمة الرومان بفضل إيمانهم.
- هذه الثقة بالله مهدت الطريق لهزيمة الرومان وأي أعداء مستقبليين.
معارك انتصر فيها المسلمون رغم قلة العدد والعتاد
لا يُمكن إنكار أن إيمان المسلمين بالله وثقتهم بنصره هو ما ساعدهم في تحقيق النصر في العديد من المعارك على الرغم من محدودية عددهم وعتادهم. ومن بين هذه المعارك:
غزوة بدر
تُعتبر غزوة بدر أولى المعارك في الإسلام، حيث دارت بين المسلمين بقيادة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم الذين كانوا يتألفون من 313 مقاتلاً.
بينما كانت القوى المعادية، قبيلة قريش، تتكون من 1000 مقاتل تحت قيادة عمرو بن هشام.
وقعت هذه المعركة في العام الثاني الهجري في منطقة بدر، ومن هنا جاءت التسمية.
غزوة مؤتة
وقعت غزوة مؤتة في السنة الثامنة من الهجرة.
حضرها 3000 مقاتل من المسلمين ضد 200000 مقاتل من الروم والغساسنة.
جاءت هذه المعركة بعد استشهاد الحارث بن عمير الأزدي، الرسول الذي بعثه النبي إلى ملك بصرى، حيث قُتل على يد الملك.
ثم تجمعت قوات من العرب والنصارى مع مئة ألف من الروم في منطقة بالقرب من مؤتة.
كانت المعركة عنيفة، حيث استشهد 14 مسلماً، بينهم جعفر بن أبي طالب وعبد الله بن رواحة وزيد بن حارثة.
ثم تولى خالد بن الوليد الراية وتمكن من إجراء مناورة انسحاب للمسلمين بعد المعركة، مُسبباً خسائر كبيرة في صفوف الأعداء. وأصبح الجيش الإسلامي قوة يُحترمها الجميع في القبائل العربية。
معركة اليرموك
صادفت هذه المعركة جيش المسلمين بقيادة خالد بن الوليد، حيث بلغ عدد المسلمين حوالي 36000 مقاتل مقابل 240000 مقاتل من الروم.
وقعت المعركة في السنة الثالثة عشر هجرية، وكانت بداية انتصارات المسلمين خارج الجزيرة العربية.
استمرت الفتوحات عقب ذلك، مما مهد الطريق لوصول المسلمين إلى مشارف باريس بعد مرور قرن من الزمان.
معركة القادسية
شهدت معركة القادسية مواجهة بين جيش المسلمين بقيادة سعد بن أبي وقاص.
تكون جيش المسلمين من 30000 مقاتل، بينما كانت أعداد الفرس تحت قيادة رستم فرّخزاد حوالي 200000 مقاتل.
وقعت المعركة في سنة 15 هجرية، وحقق المسلمون النصر بعد قتل رستم وتفكيك قوات الفيلة التي استخدمها الفرس.
معركة نهاوند
كانت هذه المعركة أيضاً بقيادة سعد بن أبي وقاص والنعمان بن مقرن، حيث بلغ تعداد مقاتلي المسلمين نحو 30000 مقاتل مقابل 150000 مقاتل من الفرس في العام 21 هجرية.
جرت المعركة في عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وحقق المسلمون فيها انتصارات كبيرة بالرغم من الفارق العددي الكبير في صفوفهم.