تجسد دعوة النبي محمد صلى الله عليه وسلم لقومه بالهداية، رغم ما تعرض له من أذى وكسر لرباعيته، حكمةً عظيمة وأخلاقًا سامية. إذ أن رسول الله هو أرحم خلق الله ولم يتردد يومًا في إظهار رحمته، خصوصًا في أحلك الأوقات. من خلال هذه المقالة، سنستعرض كيف عكس النبي صلى الله عليه وسلم حكمته في الدعوة إلى الهداية، ما إن تعرض للأذى الجسدي.
دعوة النبي صلى الله عليه وسلم لقومه بالهداية بعد الأذى وكسر الرباعية
لقد تميز صلى الله عليه وسلم بأخلاقه الرفيعة، وحرصه على دعوة قومه إلى الهداية، رغم ما واجهه من آلام، بما في ذلك كسر رباعيته. كان دائم الدعاء لهم بالهداية، مسلطًا الضوء على الرحمة والمحبة التي تعد سمةً أساسية من سمات الأنبياء.
وعندما عانى من الأذى وكُسرت رباعيته، لم يوجه لهم الأذى؛ بل في موقفٍ مهيب، توجه إلى الله بالدعاء ليدعو لهم بالهداية. رغم ما تعرض له من ضربات، أظهر عليه الصلاة والسلام سماحته وصفحه تجاههم.
كما ذكرنا، يواجه الأنبياء دوماً الصعوبات والمشاق، لكنهم يصبرون على ما يحدث لهم في سبيل الدعوة إلى الله. ويحتسبون الأجر والثواب على صبرهم، إذ أن جزاء معاناتهم هو الجنة في الآخرة.
حادثة كسر رباعية الرسول
تعد واقعة كسر رباعية النبي صلى الله عليه وسلم من أكثر الحوادث حزنًا في التاريخ. يشير مصطلح رباعية إلى الأسنان الأربعة في الفك العلوي والسفلي.
حدث كسر رباعية النبي في غزوة أحد، عندما وقع في حفرة حفرها أبو عامر بهدف الإيقاع به. وعندما سقط، تعرض وجهه الشريف وظهره للأذى وكُسرت أسنانه. وعندما حاول النهوض، واجهته أحد المشركين الذي صعقه على رأسه حتى سالت الدماء من جرحه المتسبب في دخول حديد خوذته إلى وجهه.
عندما شاع خبر استشهاد النبي، اندفع الصحابة إلى نجدته، ومنهم أبو بكر الذي حاول إزالة خوذته لكن دون جدوى. ثم تقدم أبو عبيدة بن الجراح لمساعدته، وعندما حاول إزالة خوذته بأسنانه، تكسر بعضها، ولكن رغم الألم استمر في محاولته، وحالت الدماء دون رؤية النبي بوضوح. ولكن بعد جهود كبيرة، نجح في إزالة خوذة الرسول، فرفع النبي يديه إلى السماء داعيًا: (اللهم اهدي قومي فإنهم لا يعلمون).
غزوة أحد
تعتبر غزوة أحد من الأحداث البارزة في تاريخ المسلمين، حيث كانت الوحيدة التي هزم فيها المسلمون تحت قيادة النبي. واُستشهد فيها عمه أسد الله وسيد الشهداء، حمزة بن عبد المطلب.
جاءت هذه الغزوة ردًا على هزيمة المشركين في معركة بدر، وقد وقعت في السنة الثالثة للهجرة، تحديدًا في السابع من شوال. بلغ عدد جيش المسلمين في هذه الغزوة حوالي 700 مقاتل مقابل 3000 مقاتل من المشركين.
في بداية المعركة، وضع النبي صلى الله عليه وسلم 50 رامياً على الجبل وطلب منهم الثبات وعدم التحرك إلا بأمره. في البداية، كان النصر حليفًا للمسلمين، ولكن مع بدء انسحاب المشركين، زاد عدد الرماة الذين نزلوا لجمع الغنائم، مما أدى إلى عكس مجريات المعركة.
استغل خالد بن الوليد، أحد أهم القادة في المشركين، هذا الوضع ليقلب مجرى الحرب لصالحهم. بفضل تلك الأحداث، توصلنا بنجاح إلى ختام مقالنا الذي تناول الحكمة في دعوة النبي صلى الله عليه وسلم لقومه للهدية، وكيف تجاوز ألمه الشخصي، بالإضافة إلى لمحة عن غزوة أحد.