أبرز إنجازات أبي بكر الصديق بعد أن أصبح الخليفة

تعيين أسامة بن زيد قائدًا للجيش

في فترة حياته، قد اختار الرسول -صلى الله عليه وسلم- الصحابي أسامة بن زيد -رضي الله عنه- ليكون قائدًا لجيش المسلمين بهدف مواجهة الروم في الشام. بعد وفاة النبي -عليه الصلاة والسلام-، اتخذ أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- قرارًا حاسمًا بمواصلة الجيش لملاقاة الروم تنفيذاً لأمر الرسول -صلى الله عليه وسلم-.

قام أبو بكر -رضي الله عنه- بتوديع الجيش بنفسه، مشيًا على قدميه بينما كان أسامة يركب الفرس. فقال له أسامة: “يا خليفة رسول الله، إما أن تركب أو أن أنزل.” ورد أبو بكر: “والله لا أركب، ولا تنزل، وليس هناك ما يمنعني من غبار قدمي في سبيل الله!” وأرسل -رضي الله عنه- الحملات العسكرية لفتح بلاد الشام والعراق مع هدف دخول الناس في دين الله أفواجًا.

مواجهة حروب الردة

في بداية خلافته، واجه أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- تحديات جسيمة تتمثل في العرب الذين ارتدوا عن الدين الإسلامي. فقد وردت إليه أخبار حول ادعاء طليحة بن خويلد النبوة وارتداد بعض القبائل كقبائل بني فزارة وغطفان وبني حنيفة الذين خرج منهم مدّعون للنبوة أيضًا.

على الفور، اتخذ أبو بكر الصديق قرارًا صارمًا للتصدي لهذه التحديات القوة والعزم، خاصةً بعد تلقيه أنباء عن استعداد القبائل لشن هجوم موسع على المدينة، والذي كان يهدف لتدمير القاعدة الإسلامية.

وعندما أعدّ أبو بكر جيشًا لمواجهة المرتدين، أرسل قوات تحت قيادة خالد بن الوليد -رضي الله عنه- إلى اليمامة لمواجهة مسيلمة الكذاب وأتباعه من بني حنيفة، الذين بلغ عددهم آنذاك أكثر من أربعين ألفًا. واندلعت معركة يوم الحديقة، نسبةً إلى الحصن الذي تحصن فيه مسيلمة وجماعته.

أسفرت المعركة عن انتصار جيش خالد بن الوليد وهزيمة أتباع مسيلمة ومقتله، مما أدى إلى عودة العديد منهم إلى الإسلام. وقد استشهد في تلك المعركة عدد كبير من الصحابة، يقدر بنحو خمسمائة إلى سبعمائة شهيد، ومن بينهم سبعون قارئًا، مثل سالم مولى أبي حذيفة الذي أوصى به النبي -صلى الله عليه وسلم- كأحد أبرز القراء.

جمع القرآن الكريم في مصحف واحد

يُعتبر جمع القرآن الكريم في مصحف واحد من أعظم الإنجازات التي قام بها أبو بكر الصديق -رضي الله عنه-. عقب حروب الردة، اشتد قلق عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- بشأن فقدان أجزاء من القرآن بسبب وفاة بعض القراء والحفظة من الصحابة. فتوجه إلى أبي بكر واقترح عليه ضرورة جمع القرآن كتابيًا بدلاً من تشتته في صحف متعددة.

وروى البخاري عن زيد بن ثابت -رضي الله عنه- أنه قال: “أرسل إليّ أبو بكر معلنًا مقتل أهل اليمامة، وكان عمر بجانبه. فقال أبو بكر: إن عمر أخبرني بأن القتل قد اشتد يوم اليمامة وإنه يخشى أن يستمر القتل بين القراء في أماكن مختلفة، مما قد يتسبب في ضياع الكثير من القرآن إذا لم نقم بجمعه، لذا يجب علينا القيام بهذا الأمر.” ثم قال: “كيف أفعل شيئًا لم يفعله رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟” فرد عمر: “هو والله خير.” حتى جلل الأمر في قلبي ذلك، ورأيت ما رآه عمر. وبعدها قام أبو بكر بتكليف زيد بن ثابت بهذه المهمة، مشيرًا إلى أنه رجل شاب عاقل وكنا قد كلفناه بكتابة الوحي للرسول -صلى الله عليه وسلم-، فاجمعه.”

Scroll to Top