تُعتبر مدينة صفين واحدة من أهم المدن ذات التاريخ العريق في العالم العربي. وقد تم الإشارة إلى هذه المدينة في العديد من المراجع التاريخية، حيث شهدت واحدة من أكبر المعارك التي تحمل اسمها، وهي معركة صفين. ومع ذلك، يجهل الكثير من الشباب اليوم تفاصيل هذه المعركة وأحداثها ونتائجها.
أهمية مدينة صفين
تحظى مدينة صفين بأهمية تاريخية كبيرة، حيث ارتبط اسمها بالموقعة التاريخية التي جرت على أراضيها في عام 37 هجريًا بين سيدنا علي بن أبي طالب وسيدنا معاوية بن أبي سفيان.
موقع مدينة صفين
تقع مدينة صفين في الجمهورية العربية السورية وتُعد مدينة صغيرة جدًا تقع على الحدود القريبة من مدينة الرقة التي تطل على ضفاف نهر الفرات. وقد احتفظت المدينة باسمها منذ القدم ولم يتغير حتى يومنا هذا.
موقع قرية صفين
تُعتبر قرية صفين من القرى الأثرية التي أسسها الروم، وتتميز بمناظرها الطبيعية الرائعة حيث تُعطيها أشجارها الكثيفة رونقًا خاصًا. كما أن الدخول إلى القرية يتم عبر طريق واحد مملوء بالحجارة، مما يجعل الوصول إلى مصادر الماء أمرًا صعبًا.
معركة صفين
- كانت قرية صفين هي الموقع الرئيسي للمعركة بين سيدنا علي بن أبي طالب وسيدنا معاوية بن أبي سفيان التي وقعت في شهر صفر من عام 37 هجريًا. قُدّر عدد جنود سيدنا علي بن أبي طالب بنحو 90,000 جندي بينما كان عدد جنود سيدنا معاوية حوالي 120,000 جندي.
- رغم ذلك، هناك روايات أخرى تشير إلى أن النسبة كانت عكس ذلك، حيث كان عدد جنود سيدنا علي 120,000 جندي وسيدنا معاوية 90,000، وهذا ما ورد في العديد من المصادر. قُتل حوالي 70,000 جندي من كلا الجانبين خلال المعركة. بعد التخسير الكبير، برزت فكرة رفع المصاحف من قبل جيش معاوية، حيث أعلنوا “رضينا بكتاب الله”.
- استجاب جيش علي لذلك وتوقف عن القتال قائلاً “كلمة حق أريد بها باطل”. انتهت المعركة بالتوجه إلى التحكيم، واستمرت المفاوضات في قرية صفين لمدة 110 يومًا، بينما استمرت المعركة الفعلية حوالي 9 أيام متتالية.
- تجدر الإشارة إلى أن معركة صفين جاءت بعد معركة الجمل بسنة واحدة، وكانت تقع بين الحدود السورية والعراقية، وانتهت بإحالة الأمر إلى القرآن الكريم خلال شهر رمضان المبارك.
أسباب معركة صفين
- تعددت أسباب بدء معركة صفين، ومن أبرزها الرفض من جانب أتباع معاوية بن أبي سفيان وأهل الشام لمبايعته، حيث طالبوا بالقصاص من قتلة سيدنا عثمان بن عفان. وقد أرسل علي بن أبي طالب جرير بن عبد الله لمعاوية لمطالبته بالمبايعة مرة أخرى.
- في تلك الأثناء، كان عمرو بن العاص قد نصح معاوية بجمع القوات من أجل الانتقال إلى العراق للمطالبة بالقصاص من قتلة عثمان.
أحداث موقعة صفين بالتفصيل
- في اليوم الأول من المعركة، أرسل علي بن أبي طالب الأشتر النخعي على رأس قواته بينما أرسل معاوية حبيب بن مسلمة. دارت معركة شرسة بين الجيشين استمرت طوال اليوم.
- في اليوم الثاني، أرسل علي بن أبي طالب هاشم بن عتبة على رأس لوائه بينما أرسل معاوية أبي الأعور السلمي. كانت النتائج متقاربة نسبيًا بين القتلى من الطرفين.
- في اليوم الثالث، أرسل علي بن أبي طالب عمار بن ياسر، بينما أرسل معاوية عمرو بن العاص، واستمرت المعركة بنفس الشدة.
- في الأيام التالية، شهدت المعركة قتالًا عنيفًا واستبدال للقادة من كلا الجانبين، مما زاد التوتر بين الطرفين.
- بحلول اليوم الثامن، قرر الجيشان خوض معركة حاسمة وكان كل منهما عازمًا على تحقيق النصر، مما أدى إلى اندلاع قتال ضار.
- في اليوم التاسع، تمكن فريق علي من تحقيق عدة انتصارات نتيجة معرفتهم ببعض نقاط الضعف في جيش معاوية.
نتائج معركة صفين
- عندما لاحظ معاوية أن جيش علي يحقق انتصارات مستمرة، اقترح عمرو بن العاص رفع المصاحف على أسنة الرماح، مما أدّى إلى إعلان الطرفين وقف القتال والاحتكام إلى القرآن الكريم.
- وبهذا، أصبح القرآن الكريم هو الحكم والفصل بين الجانبين، وقبل الطرفان الاقتراح المبني على تحكيمه.
فترة التحكيم
- أثناء فترة التحكيم، اجتمع الجيشان على جبل قيل إنه يقع في جنوب الأردن، بينما تولى عمرو بن العاص مهمة المفاوضات عن جانب معاوية، وأبو موسى الأشعري عن جانب علي.
- قبل الطرفان بحكم الله وكتاب الله، وتم تحديد موعد لمتابعة عملية التحكيم في شهر رمضان. وتولى عدد من الشخصيات الموثوقة شهودًا على هذه العملية انطلاقًا من أهمية تحقيق السلام وإيقاف القتال.
- في نهاية المطاف، انتهت الاجتماعات بدون دماء جديدة، حيث عاد علي بن أبي طالب إلى الكوفة وعاد معاوية بن أبي سفيان إلى الشام، مع الإفراج عن الأسرى من كلا الطرفين.