القياس وفقاً لدرجة العلّة
تعني درجة العلّة مدى ظنّيّة القياس أو عدمها، وتنقسم إلى ثلاثة أنواع:
- قياس الأَوْلى
يُعرَّف قياس الأَوْلى بأنه عندما يكون الفرع أكثر استحقاقاً للحكم من الأصل، وذلك بسبب قوة العلّة المتواجدة فيه. على سبيل المثال: قياس ضرب الوالدين على التأفيف، حيث يجتمع الإيذاء في كلا الفعلين، وتكون فعلاً الإيذاء في الضرب أقوى من التأفيف.
- القياس المساوي
يشير القياس المساوي إلى الحالة التي يتساوى فيها الفرع مع الأصل في الحكم دون أن يكون هناك ترجيح بينهما. كمثال، قياس إحراق مال اليتيم على أكله ظلماً، حيث يجمع بين الفعلين علة الإتلاف، فكلا الفعلين يتساوى في علة تلف المال وحرمان اليتيم من منفعته.
- قياس الأدنى
يقصد بقياس الأدنى أن يكون الفرع أضعف من الأصل من حيث قوة العلّة. مثال على ذلك هو إلحاق النبيذ بالخمر في حرمة الشرب وإيجاب الحد؛ إذ يجمع بينهما علة الإسكار، حيث يُعتبر النبيذ المُسكر محرماً مثل الخمر، لكنّ العلّة المرتبطة بالخمر أقوى من تلك المرتبطة بالنبيذ.
القياس من حيث قوته
تنقسم القياسات من حيث قوتها إلى نوعين:
- القياس الجليّ
القياس الجلي هو الذي تتضح فيه العلّة أو تكون معروفة بالنص أو بالإجماع، دون الحاجة إلى بحث أو تأمل. كمثال، قياس ضرب الوالدين على التأفيف، حيث إن كلاً من التأفيف كالأصل والضرب كفرع هما فعلان محرمان، والعلة المشتركة بينهما هي الإيذاء، وهي واضحة تماماً في هذا القياس.
- القياس الخفيّ
القياس الخفي هو الذي لا تظهر عِلَّته إلا من خلال التأمل والاستنباط، لأن معناه يحمل بعض الغموض. مثال على ذلك إلحاق النبيذ بالخمر في حرمة القليل منه، حيث يعتبر ذلك قياساً خفياً لاحتمالية وجود خصوصية معينة للخمر تثبت تحريم القليل منه، إذ يبقى الفرق محتملاً وغير مُثبت بالنفي.
القياس من حيث اتجاهه
هناك نوعان من القياس حسب الاتجاه:
- قياس العكس
القياس الذي يتضمن إثبات حكم معكوس للأصل بالنسبة للفرع، لأنهما يختلفان في العلّة. مثال على ذلك ما ورد عن الرسول –صلى الله عليه وسلم- عندما سُئل: “أيأتي أحدُنا شهوتَه ويكونُ له فيها أجرٌ؟” فأجاب: “أرأيتم لو وضعها في حرامٍ أكان عليه فيها وزرٌ؟ قالوا: بلى. قال: فكذلك إذا وضعها في الحلالِ كان له فيها أجرٌ”.
هنا قاس الرسول –صلى الله عليه وسلّم- قضاء الرجل شهوته في الحلال وكسبه الأجر عليه، على قضاءه في الحرام وكسبه الوزر، وهذا يعتبر قياساً على النقيض حيث تتعاكس العلل بين الفعلين.
- قياس الطرد
يختص قياس الطرد بجمع الفرع والأصل بموجب الطرد، أي أنه خالٍ من النقيض. ويقسم هذا النوع إلى ثلاثة أقسام:
- قياس العلة
يمثل القياس الذي يكون فيه الوصف الجامع بين الأصل والفرع واضحاً، حيث تكون العلّة سبباً لازماً للحكم. كمثال، قياس حرمة شتم أو ضرب الوالدين على حرمة التأفيف، بسبب علة الإيذاء، والتي تتحقق في الفرع (الشتم والضرب) أكثر من الأصل (التأفيف).
- قياس الدلالة
يعتبر القياس الذي يتطلب استدلال أحد النظيرين على الآخر، حيث يجمع بين الأصل والفرع بناءً على دليل العلّة وليس العلّة ذاتها. مثل قياس السكر على القمح في حكم منع الربا بينهما بسبب كونهما طعاماً.
- قياس الشَّبَه
يُعنى القياس الذي يقوم بإلحاق الفرع المتردد بين أصلين بأكثرهما شبهًا، مثل قياس العبد؛ حيث يُحسب العبد كإنسان مملوك (فرع) هل يُلحَق “بالجمل” (أصل) أم “بالإنسان الحرّ” (أصل آخر). غالباً ما يُلحَق بالحر؛ لأنه يشبهه في عدة جوانب.
القياس من حيث توافق الحكم مع العلّة
يُقسم القياس من هذه الناحية إلى نوعين:
- قياسٌ مؤثّر
هذا هو القياس الذي يجمع فيه الوصف الجامع بين الأصل والفرع ويكون ثابتاً بنص أو إجماع، حيث يكون تأثير هذا الوصف في الحكم مماثلاً. يمثل مثال ذلك قياساً جلياً كما ذُكر سابقاً.
- قياسٌ ملائم
هذا النوع من القياس يترك تأثير جنس العلّة في جنس الحكم، حيث يتطابق الحكم بناءً على الوصف وليس بنص أو إجماع. مثال على ذلك هو جعل المشقة علّة لجلب التيسير في الحالات المختلفة، وتقديم رخصة الجمع في المطر لدفع الحرج.