أنماط وأنواع الإدارة التربوية
تتواجد أربعة أنماط رئيسية من القيادة التربوية التي تتجلى بوضوح في الوسط التعليمي. كل نمط منها يحمل مزايا وإيجابيات مختلفة، حيث توجد فروقات كبيرة بينها. نستعرض فيما يلي توضيحًا لكل منها:
القيادة الخدمية
تتميز القيادة الخدمية بالتركيز على الأهداف المنشودة، حيث يسعى القائد إلى تعزيز مصلحة الموظفين الذين يديرهم وليس إلى مصلحته الشخصية. من أبرز صفات هذا النمط القيادي هي التوجيه، التمكين، والثقة، حيث يضع القائد ثقة كاملة في العملية التعليمية وفي العاملين، مبدًا اعتقاده أن هؤلاء الموظفين سيبذلون جهودهم لتحقيق الأهداف المرجوة للمؤسسة التعليمية.
على الرغم من فوائد القيادة الخدمية، تكمن المشكلة الرئيسية في عدم قابليتها للتطبيق على المستوى التنظيمي، فهي تفتقد إلى نظام فعال للمكافآت، مما يؤدي إلى تراجع الهدف الرئيسي للمؤسسة، وكثيرًا ما يحدث ذلك في مجال التعليم حيث يحتاج الأفراد إلى الإرشاد لضمان سير العمل بشكل صحيح. وفي هذا السياق، تقدم القيادة التحويلية بديلاً مناسبًا من خلال التركيز على الأفراد واستثمارهم في الأهداف النهائية للمؤسسة، مما يسهم في خلق حماس ودافع لتحقيق تلك الأهداف، وبالتالي يرتقي هذا النمط إلى مستوى أفضل مقارنة بالقيادة الخدمية.
قيادة المعاملات
تتمحور قيادة المعاملات حول فكرة الأخذ والعطاء، حيث يتم إنشاء العلاقة بين المدير والموظف كصفقة تجارية، حيث يعمل الموظف مقابل أجر. يعتبر هذا النوع من القيادة شائعًا، لكنه قد لا يتناسب مع بيئة التعليم حيث يُنظر إلى الوظائف على أنها أكثر من مجرد تبادل الخدمة مقابل المال، فالكثير من العاملين يطمحون إلى تحقيق أهداف أسمى.
يمكن للقيادة التحويلية أن تتكامل مع قيادة المعاملات من خلال توسيع وسائل التحفيز بعيدا عن مفهوم المعاملات البسيط. ومع ذلك، يعتمد نجاح القيادة التحويلية على قدرة القائد على تكوين روابط شخصية مع العاملين. وعندما تواجه القيادة التحويلية صعوبة، يُلجأ عادةً إلى قيادة المعاملات، التي تُعتبر أسلوبًا سهلًا ومباشرًا، حيث لا تتدخل قيادة المعاملات في سلوك الموظفين بعكس القيادة التحويلية التي تتسم بالتدخل.
القيادة العاطفية
بينما تركز قيادة المعاملات على تبادل السلع والخدمات، فإن القيادة العاطفية تتعامل مع مشاعر ودوافع الموظفين. يتطلب هذا النوع من القيادة من القادة أن يكونوا أذكياء عاطفيًا وقدرة على تحفيز العاملين بدعم من هذا الذكاء.
توجد نقاط تشابه متعددة بين القيادة العاطفية والقيادة التحويلية. حيث يسعى القائد في القيادة العاطفية إلى إيجاد الطريق لتوجيه العاملين من منظور عاطفي، في حين يُبرز البعض أهمية تأثير القيادة التحويلية على المشاعر، إلا أن هناك فرقًا جوهريًا بينهما، وهو أن القيادة التحويلية تعتمد دائمًا على الفكر والعقلانية أكثر من العاطفة.
القيادة التحويلية
تجمع القيادة التحويلية بين ميزات كل نوع من أنواع القيادة السابقة، مركزة على إحساس عميق بالهدف المشترك لتحفيز الموظفين. بينما تركز الأشكال الأخرى من القيادة على جوانب معينة، تنظر القيادة التحويلية إلى القضايا بشكل شامل، وتستفيد منها كقوة دافعة لتحقيق الأهداف العامة للمؤسسة. في مجال التعليم بشكل خاص، تقدم القيادة التحويلية أسلوبها المثالي من خلال استثمار مشاعر العاملين وإثراء الجو التعليمي، ما يعكس جوهر الأعمال بجميع أشكالها.
أنماط أخرى من الإدارات التربوية
من خلال الممارسات العملية المرتبطة بأنواع الشخصيات الإدارية وسلوكها، يمكن تمييز الأنماط الإدارية التالية:
الإدارة الاستبدادية (الديكتاتورية)
تُعرف أيضًا بالإدارة البيروقراطية أو النمط الأوتوقراطي. يركز هذا النمط على الالتزام بالشكلية من خلال تعاليم إدارية صارمة مثل الطاعة العمياء، وتنفيذ الأوامر دون اهتمام بمعالجة القضايا التربوية الحقيقية. يعتبر الإداريون الذين يستخدمون هذا النمط أن الأسلوب سهل، حيث يتطلب فرض السلطة على الكادر الإداري.
يجد هذا الأسلوب تطبيقًا في المؤسسات الكبيرة والتي تضم عددًا كبيرًا من الموظفين، حيث يعتمد على التوازن الدقيق بين مكوناتها الداخلية والخارجية. وتعتبر الإدارة الاستبدادية نوعًا من الإدارة الجامدة، حيث تسود الروتين وكثرة الأعمال الورقية. ويتركز الاهتمام في هذا النوع على أهداف المؤسسة قبل أي شيء آخر، مما يؤدي إلى إغفال الجانب الإنساني.
خصائص الإدارة الاستبدادية
تشمل الخصائص الرئيسية للإدارة الاستبدادية ما يلي:
- تقسيم العمل يعتمد على التخصص الوظيفي.
- عدم تفويض السلطة والاحتفاظ بها.
- سوء استخدام القوانين في مواقف العمل المختلفة.
- وجود أنظمة ولوائح تحدد الحقوق والواجبات.
- تسلسل هرمي واضح في السلطة.
- علاقات غير شخصية.
- الإيمان بمركزية العمل.
- عدم إشراك الموظفين في اتخاذ القرار.
- التوظيف والترقية تعتمد على المهارات التقنية.
الإدارة التراسلية أو السائبة
يمثل هذا النمط من الإدارة ترك القائد لمسؤولياته لأعضاء النظام التعليمي، مما يؤدي إلى فقدان النظام والترتيب في الأداء. يظهر هذا النمط بشكل واضح عندما يتولى القيادة شخص غير مؤهل أو مشغول عن أداء مهامه.
خصائص الإدارة التراسلية
تشمل الخصائص الرئيسية لهذا النمط:
- الإيمان بالمركزية.
- عدم محاسبة المقصرين.
- ترك الحرية للموظفين للعمل بالطريقة التي يرونها مناسبة.
- اتباع سياسة الباب المفتوح لأي شخص يرغب في المقابلة.
- شعور بعدم المسؤولية.
الإدارة الديمقراطية
هذا الأسلوب الإداري يستمد قوته من أعضاء التنظيم، حيث يؤمن بالقيادة الجماعية والعلاقات الإنسانية. يحرص المدير على تقدير مواهب الموظفين ومشاركتهم في المسؤولية وصنع القرار. يتطلب هذا النمط وجود شخص كفء يدرك مفهوم الإدارة ويدعم قدرات الجميع في النظام.
خصائص الإدارة الديمقراطية
تشمل الخصائص الأساسية لهذا النمط ما يلي:
- الإيمان باللامركزية.
- مشاركة الموظفين في اتخاذ القرار.
- التركيز على البُعد الإنساني بجانب الإنتاجية.
- مراعاة الأسس والتعليمات والاعتدال في حفظ النظام.
الإدارة الفوضوية
يعتبر هذا الأسلوب الإداري أن القائد أو المشرف الذي يدير المؤسسة غير مكترث بواجباته، مما يؤدي إلى حالة من الفوضى وانعدام النظام.
خصائص الإدارة الفوضوية
تشمل السمات المهمة للمدير الفوضوي ما يلي:
- يمارس الآخرون سلطاته بدون استشارته.
- يتخذ قراراته بشكل اعتباطي دون تخطيط.
- يتسم بالفوضوية والغرابة.
- يفتقر إلى التوجه الفكري في قيادته.
- يعتمد على الوساطة والمحسوبية لحل المشكلات.
- غير مطلع على المستجدات التعليمية.