يُعتبر بنو إسرائيل من الأقوام ذات التاريخ العريق، حيث وقعوا في العديد من الأزمات نتيجة هدم رسالات الأنبياء والرسل. وهم أبناء النبي يعقوب عليه السلام.
حظوا ببركات الله تعالى عندما نزل عليهم موسى عليه السلام بالتوراة، لكنه قوبل بالكذب واتخاذ الألهة من دون الله. في مقالنا الحالي، سنتناول الصنم الذي وقعوا في فخ عبادته بعيدًا عن الله.
الصنم الذي عبده بنو إسرائيل
كان العجل الذهبي هو الصنم الذي قام بنو إسرائيل بصنعه أثناء غياب موسى عليه السلام لدى صعوده إلى جبل سيناء.
وقد أُشير إلى أن السامري هو من قام بصنع هذا الصنم، كما ورد في القرآن الكريم في قصة موسى والسامري. على الرغم من أن اليهود يزعمون في الكتاب المقدس المحرف أن هارون هو من صنعه لإرضاء بني إسرائيل.
خطيئة عبادة العجل
تُعرف هذه الواقعة في التاريخ العبراني بخطيئة العجل، وهي موثقة في سفر الخروج، وسورة طه وسورة الأعراف. جاء العبرانيون من مصر حيث كانوا يعبدون عجل أبيس، وسعوا لإحياء هذه العبادة في الصحراء.
انتشرت عبادة العجل البري في منطقة الشرق الأدنى ومنطقة بحر إيجة، وكان يُعتبر عجل القمر ومخلوق الإله إيل.
أما في الحضارة المينوية، فقد وُجد عجل كريت، الذي كان جزءًا من الثقافة والمعتقدات الإغريقية.
الحادثة في الإسلام
تتناول القرآن الكريم هذه القصة عندما توجه موسى عليه السلام إلى جبل الطور للدعاء. استغل السامري غياب موسى ليصنع العجل ويعمد عبادته.
وعندما عاد موسى إليهم، شاهد ما فعلوه من عبادة العجل. وقد كان يحمل الألواح المُنزلة من الله تعالى، التي احتوت على تعاليم التوراة، فتوجه بالحديث إلى أخيه هارون.
سأله موسى (يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا، أَلاَّ تَتَّبِعَنِي)، بمعنى أنه كان ينبغي عليك إخباري بما حصل، وأجاب هارون: (إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إسرائِيلَ)، حيث اعتقد هارون أن تركهم قد يؤدي إلى تفريقهم.
وورد ذلك في سورة الأعراف الآيات (148-154)، حيث أشار الله تعالى أن بنو إسرائيل اتخذوا العجل جسدًا له خوار، مما يدل على ظلمهم، وعندما أدركوا ضلالهم، قالوا: (لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنْ الْخَاسِرِينَ).
قصة السامري والعجل
تناقش قصة السامري مع موسى عليه السلام وتضليله لقوم موسى بعده بعبادة العجل بالتفصيل في كتب التفسير المعروفة مثل الطبري وابن كثير والقرطبي.
والروايات موجودة في القرآن الكريم، لكنها تتضمن تفاصيل من قصص بني إسرائيل. ولا بأس في قراءة هذه التفاصيل دون التكذيب أو التصديق المطلق.
وقد ورد في القرآن أن السامري قام بصنع العجل من الذهب الذي جمعه من بين يدي بني إسرائيل، وقام بأخذ قبضة من تراب موضع حافر فرس جبريل عليه السلام ثم ألقاها في العجل ليظهر صوته كخوار العجل الحقيقي، أو قيل إنه أصبح عجلًا حقيقيًا من لحم ودم، كما جاء في قوله: (فَأَخْرَجَ لَهمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوَارٌ) في سورة طه الآية (88).
لكن مصير هذا العجل كان الحرق على يد موسى، الذي ذرّه في البر. وقد وردت الإشارة إلى هذا العجل في مواضع مختلفة من القرآن، لكن الحادثة وُجدت في سورة الأعراف وسورة طه فقط.
عقوبة عبادة العجل
الحمد لله الذي أنعم علينا وهدايتنا، وشكرًا له على النعم التي وهبنا. فإن الله سبحانه وتعالى أرسل القرآن كهدى للناس ليقودهم للحق.
يعد اتخاذ بني إسرائيل للعجل وعقوبات الله لهم بسبب هذه الخطيئة من أبرز مواضيع الوعظ في تاريخهم، وقد كررت هذه القصة في القرآن لتحذر الأجيال من الفتن.
حيث برزت هذه الفتنة بعد أن نجى الله بني إسرائيل من قسوة فرعون، وكان عليهم الشكر لله وطاعة نبيهم موسى. وعلى رغم ظهور المعجزات التي تثبت نبوته، ولما لم يعذرهم تجاه ذلك، أوضح الله ظلامتهم بسبب عبادتهم لغيره.
وأظهر القرآن عقوباتهم بسبب عبادة العجل في الكثير من الآيات مثل: (وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ) وكذلك (يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُم الْعِجْلَ فَتوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ).
الحفاظ على هذه الدروس ومعانيها يجب أن يكون ديدن أهل القرآن، ليكونوا حذرين من الفتن، ويحرصوا على شكر الله في جميع الظروف ويغرسوا في أبنائهم قيم الدين والعفة والصبر.
لأنه من المهم أن نعلم الأجيال القادمة أهمية شكر الله وعبادته وحده، كما أن أمة بني إسرائيل فقدت مكانتها ونعمها بسبب عدم شكرهم لله.