دور أعمال القلوب في الإيمان
تعتبر أعمال القلوب الأساس الذي يستند عليه جميع الأعمال الأخرى. فكيف يمكن أن تكون أعمال الظاهر صالحة في حين أن الباطن فاسد؟! إن الإيمان يتطلب القول والعمل معاً، ويظهر جليًا من خلال استجابة القلب وتصديقه ومن ثم استجابة الجوارح. وفي ظل هذه الأهمية لأعمال القلوب، حث الإسلام على تنقية القلب وتطهيره، فالقلب هو العامل الأساسي في قبول الأعمال أو ردّها وكذلك في تمييز صلاحها عن فسادها. وقد ورد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قوله: (ألَا وإنَّ في الجَسَدِ مُضْغَةً: إذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ، وإذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ، ألَا وهي القَلْبُ).
قال ابن قيم الجوزية -رحمه الله- في موضوع أعمال القلوب: “إنّ أعمال القلوب هي الأصل، وأعمال الجوارح تبعٌ ومكملة، فالنية تمثل الروح، والعمل يمثل الجسد؛ عندما تفارق الروح الجسد تحل عليه الموت، ولهذا فإن إدراك أحكام القلوب يتفوق على إدراك أحكام الجوارح.”
وقد أشار رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى أهمية القلب من خلال قوله: (إنَّ اللَّهَ لا يَنْظُرُ إلى صُوَرِكُمْ وأَمْوالِكُمْ، ولكنْ يَنْظُرُ إلى قُلُوبِكُمْ وأَعْمَالِكُمْ)؛ لذا فعندما يستقيم القلب، تستقيم عندها أعمال الإنسان وجوارحه. فالقلب هو المحرك والدافع لأعمال الجوارح؛ وكلما كانت أعمال القلوب راسخة وعظيمة، زادت الدوافع للجوارح نحو العمل والطاعة.
تعريف أعمال القلوب
تضم أعمال القلوب جميع الأعمال المنسوبة للقلب سواء في القرآن الكريم أو السنة النبوية، حتى وإن لم تكن مرتبطة بشكل مباشر بالقلب، إلا أن محلها هو القلب. تُعتبر أعمال القلوب من أصول الإيمان وأسس الدين، وترتبط بشكل وثيق بأعمال الجوارح، فلا جدوى من الأعمال الجوارحية إن لم تكن متصلة بأعمال القلوب، فهي أهم منها في الدين؛ مما يدل على أهميتها الكبيرة، حيث أنها المعيار الذي يميز بين المؤمن والمنافق. وتجدر الإشارة إلى أن عبودية القلب تدوم أكثر من عبودية الجوارح، بل إن الأعمال القلبية تعظم بالمقارنة مع أعمال الجوارح، وتتطلب لتحقيقها أمرين أساسيين:
- أن يكون الله -تبارك وتعالى- هو الهدف الأسمى، وأن يكون هو المعبود الوحيد -سبحانه وتعالى-، مع السعي لتحقيق رضا الله -سبحانه وتعالى-.
- يجب على المؤمن أن يعتمد التوكل الكامل على الله -تبارك وتعالى-، وأن يستعين به في الوصول لتلك الغاية التي هي رضاه -عزَّ وجل-.
أمثلة على أعمال القلوب
تتعدد أعمال القلوب وتتنوع، وفيما يلي بعضًا منها:
- التوحيد:
يعمل العبد على جعل شريعة الله -تعالى- هي التي تحكم جميع جوانب حياته، وأن يرضى بها ويترك الأمور لخالقها.
- التوكل:
يقوم المؤمن بتفويض أمره بالكامل لله -تبارك وتعالى-، مع الحرص على عدم اعتماده على غير الله، مع السعي والأخذ بالأسباب في الحياة.
- حب الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-:
فالمحبة هي شعور قلبي، وقد أشار السلف إلى أن المحبة هي الدعامة الأساسية لكل الأعمال القلبية وأعمال الجوارح أيضًا.
- الإخلاص:
يعبر الإخلاص عن جوهر الدين، وهو الذي يميز بين الإيمان والشرك، ويعد سبب نجاح الأعمال أو عدم قبولها.